الثلاثاء، 17 مارس 2009

هل تأثر سوق العقارات في مصر بالأزمة الاقتصادية؟

مصر بلد بلا كتالوغ".. مقولة انتشرت في السنوات الأخيرة داخل المجتمع المصري، إذ تعني أنك لا تستطيع أن تتوقع شيئاً في مصر حتى لو كانت التوقعات مبنية على معطيات منطقية، فهي دائماً ما تسير خارج إطار المتوقع. ففي الوقت الذي انتظر فيه المصرين تراجع أسعار العقارات بعد الأزمة المالية، خاصة بعد هبوط أسعار مواد البناء بأكثر من 50 في المائة، أكد العديد من خبراء العقارات أن السوق لن يشهد التراجع المنتظر، في ظل تراجع أغلب القطاعات الأخرى. ورغم اعترف عاملين في سوق العقار بهبوط أسعار مواد البناء، إلا أنهم أكدوا أن تراجع أسعار الوحدات السكنية لن يكون بالصورة التي ينتظرها الجميع، حتى وإن كانت الأسعار قد ارتفعت في السنوات الأخيرة بصورة مبالغ فيها، لا تتفق مع حالة الاقتصاد المصري، ولا مع تكاليف البناء . سيف الله مصطفى، أحد الخبراء الاقتصاديين قال إن سوق العقارات سيشهد في الفترة القادمة هبوطاً وليس ركوداً كما يتوقع البعض، خاصة وأن سرعة ارتفاع أسعار الشقق كان كبيراً في السنوات الماضية. وأضاف أنه ليس من صالح الاقتصاد المحلي أن يحدث الركود الذي يتوقعه البعض، لأنه سيؤثر بصورة كبيرة على الحالة الاقتصادية، ولاسيما أن هذا السوق تعمل فيه 172 مهنة، وهناك ما يقرب من ستة ملايين شخص يعملون بهذا القطاع. واتفق عمرو طلعت، صاحب إحدى شركات المقاولات مع الرأي السابق، قائلاً إن الأزمة الاقتصادية التي سيعاني منها الاقتصاد المصري، ستزيد فقط التسهيلات بعملية البيع، ولكنها لن تصل بسوق العقار لمرحلة الركود، وإن كانت بعض المناطق ستشهد شيئاً من الهبوط في أسعارها، مثل مدينة "6 أكتوبر"، نظراً لضخامة المعروض فيها، بعد زيادة عدد الوحدات السكنية في السنوات الأخيرة. وأضاف: "ورغم ذلك، سيكون الهبوط بنسبة لن تزيد عن 10 في المائة"، وعلى العكس منها لن تشهد مدينتي "القاهرة الجديدة" و"حدائق الأهرام" أي هبوط في أسعارها، لأنهما من المناطق الجديدة، بل ربما تشهدان إقبالاً كبيراً، خاصة من الطبقتين الغنية وفوق المتوسطة. أما ممدوح حمزة، استشاري العمارة، أكد أن "المنطق يقول إنه لابد من هبوط أسعار العقارات في مصر في الفترة المقبلة، في ظل المعاناة التي سيعانيها الاقتصاد المصري متأثراً بالحالة العامة في العالم، إلا أن السوق المصري عودنا على أنه خارج نطاق المعقول." وأضاف: "وإذا كان حديد التسليح قد تراجع من 8500 جنيه للطن إلى أقل من 4000 جنيه، إلا أنه في نفس الوقت لم يشهد سوق الأسمنت أي هبوط في أسعاره، والخوف من أن يرتفع سعر الحديد ولو زيادة طفيفة، وقتها سيعود سوق العقار للارتفاع مرة أخرى، بدلاً من حالة الثبات، خاصة وأن المجتمع المصري يسير بطريقة "القطيع." وأشار إلى أن سوق العقارات في مصر لن يتراجع بالنسب المتوقعة، لأن للعقار طبيعة خاصة، منها أنه لا توجد له تاريخ صلاحية، ولا سنة موديل، وصيانته قليلة التكاليف مقارنة بتكاليفه الأساسية. أما ياسين عيد، مقاول، قال إن السوق قد يشهد في الفترة المقبلة بعض التراجع، ولكنه لن يكون كبيراً، خاصة وأن تكلفة البناء في الآونة الأخيرة على أصحاب العقارات كانت كبيرة في ظل ارتفاع المواد الخام، علاوة على أن صاحب العقار لن يبيع بخسارة، خاصة وأن 95 في المائة من تمويل العقار يكون ذاتياً وليس من القروض. وشدد على أن السوق سيعود للارتفاع مع عودة سوق البورصة، لأن عدد كبير من المتعاملين فيها سيخرجون منها بمجرد استعادة جزء من عافيتها، خاصة وأن الأغلبية مقتنعين بأن الاستثمار في العقار أضمن بكثير من البورصة. من جانبها، اعتبرت أميمة صلاح، رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان بوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، أن الأزمة الاقتصادية في العالم أثرت بشكل واضح على كل الأسواق، ومن المنطقي أن يتأثر السوق العقاري في مصر بما حدث. وأضافت قائلة إنه رغم هبوط أسعار البترول بما يقرب من 40 في المائة، وكذلك الذهب، إلا أن للسوق العقاري في مصر طبيعة خاصة، ولن يتأثر بنسبة كبيرة في ظل الثقافة المصرية التي تؤمن بالتملك وليس الإيجار، وهو ما يشجع أصحاب العقارات على التمسك بالأسعار المرتفعة، حتى وإن كانت تكلفتهم قليلة. وأشارت إلى أن متر البناء يكلف ما بين 1300 و1500 جنيه، إلا أن سعر البيع يكون بأكثر من ضعف هذا المبلغ، نتيجة الجشع، ورغم ذلك فإن السوق يشهد إقبالاً ولا يوجد لذلك تفسير واضح. وقال أبو الذهب، سمسار عقارات بمدينتي "الشروق" و"بدر"، وهما من المدن الجديدة شرق القاهرة، قائلاً إن المدن الجديدة قد تشهد بعض التراجع في أسعارها، ولكن بنسب تتراوح بين 10 و15 في المائة، وكذلك أسعار الأراضي، وعليهما إقبال من المشترين، وإن كان السوق قد توقف بعض الشيء عما كان عليه من قبل. وأخيراً، جاءت أنباء ثبات أسعار العقارات وعدم هبوطها بالدرجة التي ينتظرها المشترين لتصيبهم بالإحباط. أحد الشبان يُدعى عادل قال: "انتظرت تراجع أسعار العقارات بعد ما يسمي بالأزمة الاقتصادية لشراء شقة بعد اقتراب موعد زواجي، إلا أن المؤشرات حتى الآن لا تبشر بالخير." وأضاف قائلاً: "لقد أصبت بالإحباط نتيجة ما يحدث في السوق، فقد بحثت طويلاً عن شقة بسعر مناسب، وتخيلت أن الأزمة الاقتصادية ستعود بأسعار العقار ولو قليل، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، ومازلنا في انتظار الفرج."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق