الأحد، 29 مارس 2009

مصير القمامة في المدن الحديثة



لعنوان أعلاه هو الصورة المتشائمة لشعار «مدينة بلا قمامة»، الذي تنوي إحدى العواصم العالمية الوصول إليه قبل عام 2012.
هل سيتحقق هذا الشعار المتفائل؟ ربما.
هل سيتحقق الشعار المضاد أعلاه؟.. ربما أيضاً؟
العالم يتجه الى مزيد من «التقمّم»، والنسبة هنا الى القمائم وليس القمم! ففي تقرير علمي لـ «رويترز» عن بعض المؤسسات الاحصائية أن المخلفات التي ينتجها الانسان حول العالم تبلغ بليوناً و600 مليون طن. أي بمعدل كيلو واحد تقريباً من النفايات والمخلفات لكل انسان في العالم يومياً.
الناس في هذا الكون يبنون ويصنعون وينتجون كل يوم مزيداً من المنشآت والمعلبات والألعاب والأجهزة الالكترونية والملابس والاكسسوارات، لكنهم لم يفكروا بجدية وعمق في أن هذه المنتجات المتجددة والمتزايدة يومياً ستتحول كلها أو 99 في المئة منها الى نفايات وقمامة. تبحث عن مكان لجمعها ثم طمرها تحت «قشرة» هذه الأرض. قلة قليلة من الاستراتيجيين التفتوا الى مأزق القمامة المتزايدة قبل تراكمها، أما بقية الصنّاع فهم كالأطفال… تشغلهم قرطاسة الحلوى قبل الأكل، لكن لا تشغلهم بعد الأكل.
«أطفال العولمة» هؤلاء بدأوا يفطنون الآن الى قراطيس ما بعد الحلوى، بعد أن بدأت الحاويات تضيق عن استيعاب نفايات منتجاتهم الغذائية أو الاستهلاكية أو الترفيهية.
إذا كانت القاهرة، حسب دراسة معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة، تنتج وحدها 15 ألف طن قمامة يومياً. وإذا كانت جدة، حسب دراسة عن جامعة الملك عبدالعزيز، قد تفوقت على عدد من مدن العالم في حجم رمي النفايات والمبعثرات الشخصية، فلنا أن نتخيل حجم النفايات والقمامة العربية يومياً، خصوصاً في غياب الخدمات الكافية لمعالجة النفايات، والتنظيمات المقننة في سبيل الحد منها وتقنينها كما يحدث في بعض المدن المتحضرة. أتدرون ما هما أبرز مشكلتين تواجهان العالم مستقبلاً؟ حسناً.. اليكم الاجابة «المضحكة»:
- مزيد من الجوع.. مزيد من القمامة!
أيهما الذي أفرز الآخر: هل المزيد من القمامة هو الذي سبب مزيداً من الجوع لدى الفقراء.. أم أن المزيد من الجوع هو الذي أتاح مزيداً من القمامة لدى المترفين؟! هؤلاء المترفون الذين تزداد ثرواتهم حتى من قمامة بعضهم البعض هم الذي صنعوا من السيدة تشونغ يان، واحدة من أثرياء العالم، عبر صناعة جمع النفايات. «ملكة النفايات» تقدر ثروتها بثلاثة بلايين دولار، وهي تتمنى بلا شك من القارئ العزيز الآن أن ينتهي بسرعة من قراءة الصحيفة ثم وضعها في صندوق النفايات، حتى يرتفع رصيد ثروتها ربما سنتاً واحداً!
لكن الحديث عن النفايات الورقية والاستهلاكية يهون كثيراً عن الحديث عن النفايات الكيماوية والصناعية، وتحديداً النفايات النووية التي تنقلب عندها آية التحضر، حيث تغدو مشكلة الدول الصناعية المتقدمة، التي عالجت نفايات حضارتها.. بأن دفنتها، بلا تحضر، في أراضي المستضعفين!
مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى الصومال، حذّر من الأخطار الصحية والبيئية التي تواجه الصومال، بعد أن أصبح مكبّاً للنفايات النووية والكيماوية لدول العالم، دول العالم المسؤولة بالطبع عن حفظ السلام في الصومال! وقد تم كشف كمية كبيرة من النفايات السامة التي تم دفنها في الصومال، مصادفة بعد موجات المدّ البحري التسونامي عام 2005.
الصومال ليس وحده بلا شك. هناك مناطق نزاع كثيرة في المنطقة العربية، تتحول في غفلة من المتنازعين أو في مناقصة معهم!، الى صندوق قمامة لدول السلام. العالم يواجه مشكلة ازدياد قمامة نفايات تقابلها مشكلة ازدياد قمامة أخلاق. إحداهما تكفي لتعفين العالم، فكيف إذا اجتمعتا؟!
لعل «منتدى الشرق الأوسط لإدارة النفايات» الذي ستنظمه دبي في شهر آذار (مارس) 2009، سيناقش كل جوانب المشكلة، ومسؤوليات الدول الصغرى والدول الكبرى «الكوبرا» عن قمامة العالم وسبل تقليصها والتخلص منها بكل عدالة ومساواة وتحضّر.
أسرعوا.. قبل أن يتحول العالم الى «صندوق قمامة»!

تم نشر هذا الموضوع في موقع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق